صباحُ الخيرِ، أيُّها العالم

 

صباحُ الخيرِ، أيُّها العالم


صباحُ الخيرِ، وأنتَ تُعيدُ ترتيبَ أوراقِكَ المُبَعْثَرةِ، وتُعدِّلُ هيئتَك

صباحُ الخيرِ، وأنتَ تُزيحَ الستائرَ، وتفتحُ نوافذَ الغُرفِ المُوصَدة.

صباحُ الخيرِ، وأنتَ تسمحُ للشمسِ بالدُّخولِ إلى كلِّ زاويةٍ من زواياكَ المُعْتِمة.

صباحُ الخيرِ، وأنتَ تفرِّغُ دماغَكَ من النُّفاياتِ، وترسمُ بيديكَ مسارًا مستقيمًا وواضحًا لأيَّامِكَ المُقبلة.

في هذا الشهرِ، بالتحديدِ، تبدَّلتْ ملامِحُكَ كثيرًا، استعدْتَ شبابَك فجأة،

 أصبحتَ أكثرَ إشراقًا، كأنَّكَ لم تكنْ مريضًا وواهنًا، ومقموعًا.

أنتَ، الآنَ، لستَ كما كنتَ، قبلَ أكثرَ من سبعينَ عامًا.

بصيرتُك أكثرُ يقظةً، وصوتُكَ يشبهُ منارةً في سفينةٍ عملاقةٍ تجوبُ أصقاعَ الأرض.

أخبِرْني، كيفَ يمكنُ لروحٍ حرَّةٍ أنْ تنقلبَ على طبيعتِها، وتستسلم؟

كلُّ نبضٍ حيٍّ فيكَ كانَ مُخدَّرًا

بأنواعِ القهوةِ الفاخرةِ، ووجباتِ الهامبرجر، والمشروباتِ الغازيَّة،

 تدفعُ فواتيرَ الحروب، وأنتَ مغمَضُ العينين،

تبتلعُ كميَّاتٍ هائلةً من المُسكِّناتِ، والمضادَّاتِ الحيويَّةِ؛ لتعطيلِ فكرةِ عن النُّمو.

مَطبخُكَ مليءٌ بما يساعدُكَ على قتْلِ نفسِك.

تبدو في كلِّ الأوقاتِ لاهيًا ساكنًا، لا مباليًا، تُداري عجزْكَ بقلَّةِ الحيلة،

 تردِّدُ ما تقولُه الدفاترُ، طواعيةً في الحِصَصِ اليوميَّة.

تقلِّدُ الدُّمى الآليَّةَ في مِشيتِها، وتحفظُ الأغاني الحزينة.

صباحُ الخير، ليدِكَ، وهي تكتبُ الحياة

 بطريقةِ أغنيةِ Leve, leve, leve Palestina.

صباحُ الخير، وأنتَ تجهِّزُ لغدِكَ وجبةً دسِمةً من قصائدِ الحريةِ

برقصْةِ الهنودِ الحُمْر.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الحوار الذي أجراه معي الشاعر صالح العامري في برنامج (في هواء الكتابة )

حوار مع جريدة الحياة