حوار مع مجلة التكوين
كيف تعرفين نفسك للقراء؟ لا أعرف لماذا توقفت طويلا أمام هذا السؤال، كمن دخل إلى ممر طويل وضيق، ويحاول أن يجد مخرجًا يؤدي إلى فضاء أرحب، يليق بكائن حلم كثيرًا بالحقول الشاسعة، بالتأمل والخيال والابتكار، كائن غير اجتماعي، قليل الكلام، وفي حالة هروب دائم متى ما سمع صوتًا يناديه باسمه، يذهب في الاتجاه المعاكس إلى تلك الأمكنة الخالية البعيدة مصابًا بقول دو شازال «اخترت العيش في موريس؛ لأن سكانها لا يعرفونني، ومن جهلهم بي حصلت على حرّيتي». لكن محظوظ بالطبع ذلك الكاتب الذي تحظى نصوصه وقصائده بقراء أذكياء ومختلفين، يعرفون كيف يدخلون إلى عوالم الأرواح الصاخبة القلقة المثقلة بالتساؤلات، قراء لديهم حساسية عالية يقرؤون الحياة بشكل متأنٍّ، ويفتحون الباب على مصراعيه لكل جمال مرهف يسكن أغنية عابرة، أو سطرًا شعريًا، أو لوحة فنية، ويفعل بالروح ما يفعله الورد والربيع بالأرض العطشى . نعيش في زمن الجميع فيه يقول إنه شاعر.. من هو الشاعر الحقيقي في نظرك؟ أنْ يبحث المرء في هذا العالم عن وسيلة للنجاة أمرٌ ملهم ومهم، بالطريقة التي تلائم روحه، ذاته، كيانه، توجُّهاته؛ ليغرق عن آخره فيه؛...