المشاركات

عرض المشاركات من أبريل ٢٨, ٢٠١٧

«كأنني تائهة، كأنني هشة، كأنني طوعُ نداءٍ متخيَّل» صالح العامري

صورة
«كأنني تائهة، كأنني هشة، كأنني طوعُ نداءٍ متخيَّل» صالح العامري – ماذا يصنع الشاعر إزاء الحقيقة؟ وكيف يقودها إلى نصّه المتَـفرس المرتاب؟. إن الشاعر لا يحتفي بالحقيقة إلا بمقدار ما يختبرها بلسانه وأصابعه (في شقِّها الماديِ المحسوس)، وبمقدار ما تشتهيها دواخله ويتضوّر لها قلبه (في يُـتمه المستغيث بالرؤى والأحلام). إنه، أي الشاعر، يتكئ- أكثر من أي شيء آخر وأعلى من أي وجه من وجوه الحقيقة- على تلك الوشايات والوساوس والهذيانات والكوابيس، على تلك المنحوتات الجافلة التي تخز خاصرته، على تلك الظلال التي تتلبسه، على تلك الأشكال التي يقوم فيها فجر مفاجئ أو مصباح حزين. إنه دائب العثور على تلك المزق المتناثرة من الرقع الشكاكة والمتهورة، في طريق رؤياه الكاشفة والغامضة، ذات التعقيد والكثافة، ذات البساطة المشتبكة مع مناقير الطيور وخياشيم الأسماك، أما الحقائق -في بصره وبصيرته- فسرعان ما يكنس إحداها الأخرى، أو بشكل أدق، سرعان ما يغسل إحداها وجه الآخر. هكذا تتناسل الحقائق في نصّ الشاعر، حتى لا تبدو أيّة صورة لأيّ حقيقة لمّاعة أو مدلسة، لأن «الحقيقة بضاعة مغشوشة»، ولأن الشاعر- في كل العصور-