وداعًا لعنتريَّات السيِّدة ميم








الحقيقة، أحيانًا، طيبة أكثر من اللازم، إنها تظهر هكذا فجأة، وبدون دعوة لذلك أشكرك جدًا، أيتها الحقيقة الجميلة، برغم أنك جئتِ متأخرة جدًا، لكنك قرَّرتِ المجيء، على أيِّ حال، وهذا أمر هام للغاية. كنت تضربين كتفي بإصبعك مرَّات كثيرة، لكنني لم أنتبه، ولم ألتفت إليك. مضى وقت طويل؛ لأتعرَّف عليك، وأفهمك. هانذا أستجيب لحضورك المضيء، وأمنحك حرية البوح والكلام، لقد حان وقت المغادرة فعلا، تردِّدين: الأمر أصبح خطيرًا جدًا، ولا يطاق، عليك أن تُخرسي هذا الببَّغاءالمزعج، إلى الأبد، الببَّغاءالأحمق الذي يقلِّدك في كل شيء، والذي يحاول أن يكون أنت بأيّ طريقة كانت. لقد صار سخيفًا، ولا يُحتمل على الإطلاق، عليك التخلُّص أيضًا من طنين الذباب الذي انتشر، مؤخّرًا، بشكل مخيف، عليك التخلُّص من نظرات "الآنسة منشن"، ورميها في القمامة، هذه البلهاء التي لا تكفُّ عن التلصُّص على حياتك المصابة بهوَس مجنون بك. لاحظتُها مرارا تقوم بعمليات النسخ والتقطيع والحفظ، عليك أن تعلني اليوم بشجاعة، أمام الرجال الخائفين، والنساء الخائفات من زهرة صغيرة، لا تصلح سوى لضخّ الأوكسجين والضوء والموسيقا عن نهاية مسلسلهم الشيِّق، وأحداث حلقته الأخيرة المليئة بالدراما والكوميديا والغموض التي لن تفوتهم بالطبع. يؤسفني ذلك، أيتها الحقيقة، إذن عليهم التعوُّد على متابعة شي آخر ربما سيكون صعبًا في البداية، لكنهم سيقضون أوقاتًا مشوِّقة تبعث على الخيبة والشفقة، ستبدو السيِّدة ميم، مثل "سوبر مان مُجنّح" بريشٍ منفوش أغلب الأوقات، بصُراخها الحاد، وأوامرها الوقحة. لا أعرف إن كان الببَّغاءسيظهر أمام أحد منهم، أم لا، آه كنتُ على وشك الجنون من تصرُّفاته الحمقاء، سيشاهدون ذلك، حتمًا، في يوم ما، وستظهرين مجدّدا أيتها الحقيقة عارية، كما أنت الآن، سيحدث كلُّ شيء دفعة واحدة، ربما سيطول الوقت بعض الشيء، لكن حدث هذا قبل سنوات مضت. كان كلُّ شيء مغطّى وملفوفًا بعناية، لا يُرى، ولا يُسمع، لكن الرياح القوية يمكنها دائمًا التهام الأغطية الزائدة، وخلع الخيام بضربة واحدة، يمكنها تعرية كلِّ شيء تمرُّ عليه. آه لو يحدث ذلك مرّة أخرى، حقًا ستختفي الكائناتُ المتسلِّقة والبغيضة، تدريجيًّا من الحياة، ستنقرض كما انقرضت الديناصورات الضخمة والمخيفة. شكرًا، أيتها الحقيقة؛ كنت لطيفة للغاية. هأنذا أرتِّب حقائبي، بسعادة غير مشوَّشة .. وداعًا للرجال الخائفين والنساء الخائفات من زهرة صغيرة لا تصلح، سوى لضخّ الأوكسجين والضوء والموسيقا ، الطُّرق كلُّها لكم الآن، ثبِّتوا نظراتكم في الفضاء الواسع، لمدَّة عشر دقائق، على الأقل، بعد مغادرتي، السماوات الهواء والماء والنار لم تتعرّض للخطف والنهب، آه كم كنتم خائفين، من هذا الاسم البسيط الذي يحاول الاختباء، طوال الوقت، من الضوء المسلَّط عليه. خذوا كلَّ شيء كاملا، بلا نقصان، واتركو لهذه الزهرة حياتها الصغيرة المغروسة في تربة الحُبّ، تنمو وتتفتّح بسلام. وداعًا للغبار والعناكب والأحذية الرخيصة، وداعًا لعضلات الحرَّاس السُّذَّج للمتنمِّرين الصغار، وداعًا للشخصية المزيَّفة التي ستجلس في مكاني، وتحاول أن تكون "أنا" وداعًا للذئاب الوحشية، وداعًا للذباب الكبير، وداعًا لعنتريَّات السيِّدة البغيضة ميم، وداعًا، وداعًا، ايتها الببَّغاءالبليدة. سأعمل على استكمال تنظيف ذاكرتي ونومي وأحلامي من وجوهك القذرة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الحوار الذي أجراه معي الشاعر صالح العامري في برنامج (في هواء الكتابة )

حوار مع جريدة الحياة

صباحُ الخيرِ، أيُّها العالم