سبعُ رصاصاتٍ حيّة لقتلِ إشاعة






السماءُ ليستْ زرقاءَ تمامًا
انظرْ حولَك
الشَّرَرُ المتطايرُ من الوجوه.
النَّظرةُ السوداءُ الشهيرةُ الحائزةُ على جائزةِ القَبولِ دونَ سؤال.
الضَّحِكُ المهزومُ بضربةِ فأسٍ من رجلٍ حيادي.ّ
الأيدي الخادعةُ التي تحملُ الغِذاءَ الفاسدَ لأرواحِ النائمينَ في سجِّلِ الموتى.
البنتُ التي أكلتْ حُبًا مُعلَّبًا ونامتْ أحدَ عشَرَ شهرًا في سريرِ المَصَحّ.
الكلمةُ المرَّةُ المتدَاوَلةُ بينَ النّاس
الكلمةُ التي تصطدمُ بها في كلِّ وقت
وأنتَ ذاهبٌ لحفلةِ عُرسٍ،
وأنتَ خارجٌ للنُّزهةِ، وأنتَ تفتحُ رسائلَ هاتفِكَ النَّقال.
ككلمةٍ عاديَّةٍ غيرِ مسمومة
تدلُّها الأيدي والنَّظراتُ والأرواحُ على حِيَلِ البقاء
التفِتْ
ستراها
محمولةً على الأكفِّ كملكةٍ قديرة
(م و ت)
ويتبَعُها الإنصاتُ الهائل.

حُلْمُ لقائِنا بالحياةِ التي نُحبّ
الحياةِ المليئةِ بالحياة
مَغْشِيٌّ عليهِ من هَولِ الصَّدمة
مِن هَولِ ما رأى ومِن هَول ما سَمِع.
لاحظْ معي الآنَ هذا الذي مَرّ 
هذا كائنٌ مزيَّفٌ كلُّ أفعالِه بعيدةٌ تمامًا عن الحب.
الحقيقيُّ لم نعدْ نسمعُ عنه أخبارًا جيّدة
يستخدمُ الناسُ المزيَّفَ لأسبابٍ غيرِ مفهومة
لأسبابٍ قد يكونُ لها علاقةٌ بنقصِ مادةِ الصِّدق، بالقلقِ الزائدِ المُهرَّبِ مِن مَكبِّ النِّفايات
بالنباتاتِ الغريبةِ المستوردةِ مِن مناطقَ كانتْ محظورة .

لكنِّي أبتسمُ كما ترى
أبتسم
كي لا يموتَ طائرٌ في أعينِ المارَّة
من تقطيبةِ جبين.

نحنُ نعيشُ كالحمقى داخلَ هذه العَتمة
نعيشُ كفاقدي البَصرِ والبصيرة
بشكلٍ أدقّ، نحنُ نعيشُ كآلاتٍ قديمةٍ تتحركُ ببطءٍ شديدٍ جدًا لا تعرفُ بالضبطِ ماذا تفعلُ حتى الآنَ داخلَ مخزنِ خُرْدة.

أردتُ أنْ أنفيَ ما يتردَّدُ من إشاعات 
حملتُ حقيبتي الصغيرةَ وقررتُ عبورَ الشارعِ العربيِّ صباحًا فوجدتُ رجلا عجوزًا بعُكَّازين
يجلسُ بجانبِ دكانٍ مغلَقٍ على كرسيٍّ قديمٍ جدًا ومتهالكٍ إحدى قوائمِهِ مكسورة
اقتربتُ أكثرَ تمعّنتُ فيه تمعّنتُ جيدًا
هشاشتُه/ تجاعيدُه / نظراتُه اليابسةُ المتكسِّرةُ على بلاطِ الرّصيف
كأنّني أعرفُ هذا الرجلَ كأنّني أعرفُه 
أليسَ هذا هو الأملَ ياااا إلهي إنّه هو.
كبِرتُ وأردتُ أنْ ألتقيَ بالشابةِ الجميلةِ التي يتحدثونَ عنها سرًا
عن تصرفاتِها الغريبةِ والمجنونة
وكيف كانت تعيشُ كما تريد
وليس كما يريدُ الآخرون
الشابةُ التي أحتفظُ بصورِها المشوَّشةِ داخلَ قلبي، 
الشابةُ التي تعرّضت للضَّربِ المُبرِّح
ووُضِعتْ داخلَ سِجنٍ في غرفةٍ انفراديةٍ مظلمة
بدونِ سببٍ واضح
لم تكن مجرَّدَ فكرةٍ تراودُني
بل لا يكادُ يمرُّ يومٌ 
دونَ ابتكارِ حيلةٍ جديدةٍ لرؤيتِها والحديثِ معَها
لم يكن بِوُسعي تحقيقُ ذلك بمفردي
فبدأتُ بإرسالِ أسئلتي بإلحاحٍ على شكلِ رسائلَ مختلفة :
طائرةٍ ورَقيةٍ / دُمْيةٍ تُصدرُ صوتًا ضعيفًا ومتقطِّعًا /حديقةَ حَيَوَانٍ بلاستيكية/ جرسٍ كَهربائي / لوحةٍ فنيةٍ للطبيعةِ اندلقَ عليها سائلٌ أسود/ شمعةٍ في الدقائقِ الأخيرةِ من عُمرِها /إناءِ كريستال متصدِّع
إلى اللهِ إلى أبي إلى أمي
إلى أخي/ حبيبي /صديقي/ زميلي /جاري
لم يحدثْ شيء 
كانت الأعذارُ الرماديّةُ تصلُني على 
شكلِ صمتٍ مزيّنٍ بشرائطِ أعياد 
الشرائطِ الملوّنةِ ذاتِها التي يمكنُ أنْ تُستخدَمَ كمشانقَ أيضًا.
عشرةُ أعوامٍ عشرونَ عامًا ثلاثون
لم يصلْني ردٌ من أحد
لا أعرفُ حتى هذه اللحظةِ التي أُنهي
فيها رسالتي الـ 6752 والأخيرة 
أين حياتي؟. 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الحوار الذي أجراه معي الشاعر صالح العامري في برنامج (في هواء الكتابة )

حوار مع جريدة الحياة

صباحُ الخيرِ، أيُّها العالم