"ليستْ كلُّ الأشياءِ مسلّية" دار جدار للثقافة والنشر 2024 جاءت المجموعة في 102 صفحة من القطع المتوسط، وضمّت 36 قصيدة نثر اندرجت تحت ثمانية أقسام هي: الذي يتأكد من وجوده ثلاث مرّاتٍ يومياً، حروبٌ صغيرة، حيث لا صوت سوى ضجيج نفسي، تعديلاتٌ أخيرة، لأجل من أمشي في هذا الشارع، زقاقٌ ضيّقٌ وأغانٍ كثيرة، مركبٌ لا مرئي، أشياءٌ عالقةٌ في الفراغ. من نصوص المجموعة: "كنتُ دائمًا.. مثلَ هذه الأصواتِ التي تخرجُ هكذا، دونَ موعدٍ سابقٍ بيننا، مثلَ هذه الأصواتِ التي تجلسُ أمامَ مِرآتي، وتستخدمُ أدواتِ زِينتي، مثلَ هذه الأصواتِ التي ترتدي أجمَلَ ما عندي، تستقلُّ أقربَ تاكسي، وتخرجُ في نُزهة، مثلَ هذه الأصواتِ التي ترقصُ ببدلةٍ مزركشةٍ في الشارع، مثلَ هذه الأصواتِ التي تعاقبُ سوءَ الحظِّ والأوقاتِ الداكنةِ بمزيدٍ من صُورِ وفيديوهاتِ مِهرجانِ (هولي)، مثلَ هذه الأصواتِ التي برقصٍ خفيفٍ متواصلٍ تطفئُ أضواءَ العالم، وتديرُ مِروحةَ الألوانِ، مثلَ هذه الأصواتِ التي سمحتْ للريحِ الجائعةِ بالتهامِ ثيابِها الأنيقة".
أوقاتي ممتلئة، في الغالب، وسفري دائم، لا أشعر كثيرًا بالملل، التفاصيل الصغيرة في اليومي والمَعِيش تعذِّب هشاشتي، وتهذِّبها، تعيد لنفسي شيئًا مفقودًا، أو غائبًا، أدخلُ كلَّ يوم، رحلةً جديدة، تبدأ عبْرَ حواسِّي وروحي، وتتوقَّف كاستراحة؛ لفلترة الأشياء، قبل هبوط الليل، هناك ما يبقى، وهناك ما يذهب، ويختفي، ويتماهى أحيانًا، مثل قطرة في محيط، أُدوِّنُ على ورقة جانبية: أنا كائنٌ لا يصلح لمظاهر الحياة الاعتيادية. أعيش داخل حلم، وخارج هذا الحلم لا أوجد. بيني وبين الآخرين جدارٌ من الخوف، وأبوابٌ بأرقام سرِّية، لم تقاطعني يومًا فكرةُ السفر إلى بلد آخر، بالطائرة، لأسبابٍ كثيرة، سخيفة أحيانًا، وغير منطقية، أحيانًا أخرى، لكن ما الذي حدث؟ لا أعرف حتى هذه اللحظة، لا أعرف كيف ذهبتُ، ولا كيف عدت. الأمر كان أشبه بترجمة حلم؛ إذ وجدتُني في إحدى الليالي بين جدارين في ممرٍّ ضيِّق، قليل الإضاءة، بجناحين أبيضين، أرتفعُ تدريجيًّا عن الأرض. بعدها بفترة قصيرة، قررتُ فجأة حجْزَ تذكرةٍ للسفر، وبدأت بتجهيز حقيبة سفري، وكعادة مرضى الارتباط العاطفي، بأصغر الأشياء التي يتعاملون معها، يوميًّا، ملأتُ حقائبي بكلِّ صغيرة و...
تعليقات