(نجمة في الظل)
(نجمة في الظل)
عبدالمحسن يوسف:
* مبللةً بالضوء وهواجس الظلال ، تكتب الشاعرة العُمانية المبدعة فتحية الصقري قصائدها القصيرة الهادئة كالنسائم والساطعة كالبروق ..على أفق أصابعها تتألقُ مفردات الطبيعة بكامل فتنتها : ( البحر ، الشمس ، المطر ، الريح ، النجوم ، الليل ، السماء ، الشجر ، القمر ، العشب ، والزهور ) ..وتشيّدُ من هذه المفردات الحاضرة بإلحاح في جلّ قصائدها عالمًا جديدًا بوصفه بديلًا جماليًا عن عالم ٍ رث ..في قصائدها الجميلة تمجّدُ " الشجر الذي يصلي ، والظلالَ التي تضمّدُ جراحَ الأرض " ، ومن ليل يديها تسطعُ " نجمتان ، تهزان شجرة الروح " فيما هي تتأملُ " سماءً ناضجة " ، وتحتفي بتلك " الريح التي تفتح ذراعيها للدموع / لعويل الروح / لقمصان الربيع المهترئة " ..وتنصت " لنجمةٍ تبكي على كتف الليل ، وتبلل ثيابه بالضوء " ، وترسم بعطر القلب " زهرةً تتبتل ، لا غيم يفضُّ وحدتها ، ولا منديل يمسح عن وجنتيها الغبار " ..في الكثير من قصائدها تكثرثُ فتحية بالمشاهد الصغيرة المنسية ، والتفاصيل اليومية المهملة : " لا شيء في هذا الصمت المريع / لا شيء سوى ظلٍّ يبكي على جدارٍ قديم " ، كما تحدق في ذلك " العشب الذي يفتّشُ عن جدار ٍ جديد ٍ في البيت المجاور ، وتتتبّع " الفراشات التي تحرس القمر " ، و " طفلاً صحبة ظله المعتقل على كرسي الانتظار ، فيما هو يقلّمُ أظافر الحيرة ..
وفي زمن ٍ بارع ٍ في إنتاج الكراهية ، تبدو فتحية ـ عبر نصوصها ـ منحازةً ل " حبّ ٍ يمضي فاردًا أجنحته البيضاء / يقاتلُ الريحَ والعتمةَ القادمة " ..منحازةً ل " أمنية ٍ هامت قرونًا في الصحراء ، بحثًا عن يقين ٍ كاذب " .. و بشغف فاتن ترسم ملامح وجوه خلف الزجاج تشتهي الروحُ أن تضمَّها ، متأملةً " مصباحًا يتدلّى من سقف ٍ خفيض وهو يقرأ خراب الليل " ..
تحية عالية للصديقة الشاعرة المبدعة فتحية الصقري ، التي تحملُ عبءَ " قمر ٍ مجروح " ، يقفُ وحيدًا منذ ألف صرخة على رصيف ِمحطّة ٍ مهجورة ، بحذائه المهتريء ، بأحلامه القليلة ، منتظرًا قطارًا لن يأتي ..
* الديوان بعنوان " نجمة في الظل " ، صادر عن دار " الانتشار العربي " .
تعليقات